is-single

تحسّن الكهرباء في سوريا 2025: زيادة ساعات التغذية اليومية وانطلاق خطة التوريد 24 ساعة

تحسُّن الكهرباء في سوريا: من ساعات التغذية القصيرة إلى آفاق 24 ساعة

تحسُّن الكهرباء في سوريا: من ساعات التغذية القصيرة إلى آفاق 24 ساعة

في خضمّ التغيرات التي تشهدها سوريا، برز ملف الكهرباء كأحد محاور التحوّل الحيوي للواقع اليومي للمواطنين. فقد شهدت منظومة الكهرباء الوطنية تحسّناً ملموساً يتعلق بساعات التغذية، حيث وصلت التغذية إلى ما يزيد على 10 ساعات يومياً، بعد أن كانت لا تتجاوز ساعة ونصف تقريباً. هذا التقدّم يُعدّ نقلة نوعية في جودة الخدمة، لكنه في الوقت نفسه يرسم أمامنا مسؤولية كبيرة: العمل على تأطير هذا التقدّم ضمن آليات مؤسسية مستدامة تضمن التطوير المتواصل، وصولاً إلى الهدف الوطني الأسمى: تغذية كهربائية على مدار 24 ساعة.

لماذا هذا التحسُّن مهم؟

أولاً، ساعات التغذية الأعلى تمنح الأُسَر السورية شعوراً أكبر بالاستقرار؛ فمراكز المياه، والمضخّات الزراعية، والمراكز الصحية تعتمد على الكهرباء. تحسُّن التغذية يعني جودة خدمة أفضل للمواطنين. ثانياً، هذا الأمر يؤثّر إيجاباً على النشاط الاقتصادي: الصناعات الصغيرة والمحالّ والحرفيون باتوا أقلّ انقطاعاً، ما يخفض تكلفة التشغيل ويزيد فرص الاستثمار المحلي. ثالثاً، على المستوى الوطني، فإنه يُعدّ مؤشر ثقة يُفضي إلى جذب الاستثمار الداخلي والخارجي، ولديه إشارة رمزية بأن سوريا قادرة على إعادة بناء بنيتها الأساسية.

الإطار المطلوب لضمان الاستمرارية والتطوير

حتى وإن كان التحسّن قائماً، فإنه لا يكفي أن يكون انتقالاً مؤقتاً — بل يجب أن يُدمج ضمن نموذج عمل مؤسسي متكامل يضمن:

  • تحقيق التوازن بين تكلفة الخدمة وجودتها: حيث أن تكلفة الإنتاج والتوزيع في الواقع تفوق كثيراً التعرفة الحالية، مما يستوجب مراجعة مستمرة للهيكلة المالية للقطاع.
  • ضمان العدالة بين مختلف شرائح المستهلكين: فالمواطن في الريف أو المناطق الأقل خدمة يجب أن يحصل على نفس الفرص كما المواطن في المدينة.
  • حماية الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود: فلا يكفي رفع ساعات التغذية وإن لم يُرافق ذلك دعم للمواطنين الأقل حظاً حتى لا تتحوّل الخدمة إلى عبء مالي إضافي.

ما هي العوامل الأساسية التي يجب أخذها في الحسبان؟

من خلال الرصد والتحليلات المتوفّرة، يمكن تحديد عدة عوامل رئيسية:

  1. التكلفة الفعلية للإنتاج والتوزيع: فقد أكّدت World Bank أن قطاع الكهرباء في سوريا يعاني من خسائر فنية عالية وبُنى تحتية متهرّئة تحتاج إلى تأهيل عاجل. 3
  2. ضرورة الحفاظ على المستوى الحالي للخدمة: إذ إن أي تراجع قد يُفقد المكتسبات ويُضعف الثقة، وبالتالي يجعل الجهد السابق أقلّ جدوى.
  3. التطوير التدريجي للمنظومة لتحقيق الطموحات المستقبلية: كالتوسع في مصادر الطاقة المتجدّدة، وتعزيز الشبكات، ودعم البُنى التحتية بتكنولوجيا حديثة. 4

من أين يأتي التحسّن؟ وما هي التحديات؟

أظهرت تقارير متعددة أن التحسِّن يعود إلى عدة تدخلات، منها دعم دولي وإعادة تأهيل الشبكات. على سبيل المثال، المشروع المموّل من البنك الدولي بقيمة 146 مليون دولار يستهدف تأهيل خطوط النقل والمحطات. 5 كما أن اتفاقات ضخمة للاستثمار في قطاع الطاقة قُدّمت – مثل الاتفاق الذي أعلنت عنه سوريا مع مجموعة قطريّة بقيمة نحو 7 مليارات دولار لبناء محطات طاقة غازية وشمسية. 6

لكن التحديات ما زالت جوهريّة، منها:

  • تلف واسع في الشبكة نتيجة سنوات الحرب وغياب الصيانة. 7
  • نقص الوقود والغاز لبعض المحطات مما يحدّ من القدرة الفعلية على التشغيل الكامل. 8
  • فقدان الكابلات ومكونات الشبكة نتيجة السرقة أو التخريب — ما يزيد خسائر النقل والتوزيع. 9
  • انخفاض أسعار التعرفة مقارنةً بتكلفة الخدمة، مما يخلق عجزاً مالياً مستمراً في القطاع.
  • انعدام العدالة في توزيع التغذية بين المناطق، خاصة الريفية والمناطق التي شهدت نزوحاً داخلياً.

خطة العمل المقترحة نحو «24 ساعة تغذية»

لتحقيق الهدف الوطني المتمثّل في تقديم الكهرباء على مدار ٢٤ ساعة، يمكن اقتراح خارطة طريق مبسّطة من ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى – تثبيت التحسّن (مدّة: 6-12 شهر)

  • تقييم شامل للوضع الحالي من حيث ساعات التغذية، المناطق المتخلفة، المشكلات التقنية .
  • تحسين الصيانة وإصلاح المحطات المتوقّفة، تأهيل الشبكة بوتيرة سريعة.
  • مراجعة التعرفة وترشيد الاستهلاك، مع إطلاق برامج دعم للفئات ذات الدخل المحدود.
  • إطلاق حملات توعية للمواطنين عن الاستخدام الأمثل للطاقة لتقليل الهدر.

المرحلة الثانية – توسعة القدرات والاستدامة (مدّة: 1-3 سنوات)

  • بناء محطات توليد إضافية – غاز/ديزل/شمس – وتنشيط الربط مع الشبكات الإقليمية. 10
  • تحديث شبكات التوزيع وتقليل الخسائر الفنية في النقل.
  • إطلاق برامج للطاقة المتجددة كمحطات شمسية أو رياح لتخفيف الاعتماد على الوقود المكلف.
  • ضمان عدالة توزيع الخدمة عبر رقمنة بيانات المشتركين وإعادة هيكلة المناطق ذات التغذية الأقل.

المرحلة الثالثة – تحقيق تغذية 24 ساعة (مدّة: 3-5 سنوات)

  • الوصول إلى قدرة توليد تغطي الطلب الفعلي، وإلى شبكة توزيع يمكنها الخدمة المستمرة.
  • تعرفة مدعومة للفئات الهشّة، وتعرفة عادلة للمستهلك العادي، لضمان النمو المالي للقطاع.
  • إقامة منظومة مراقبة ذكية «Grid Smart» لرصد الاستهلاك، الأعطال، وتحليل البيانات لتحسين الخدمة باستمرار.
  • دمج صِيانة دورية ومعايير جودة خدمة تُراعي المُستهلك والشركة والإدارة معاً.

الفوائد والمتغيّرات الانتقالية

منفوعة من هذا التحسّن والخطة المقترحة:

  • رفع جودة حياة الأُسر من خلال خدمة أكثر استقراراً.
  • تنشيط النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل إنطلاقاً من استقرار كهربائي.
  • تعزيز قدرة الدولة على جذب استثمارات خارجية في قطاع الطاقة والبُنى التحتية.
  • تخفيف الضغط على المولدات الخاصة والبنزين/الديزل، مما يخفض التكاليف البيئية والمالية.
  • استدامة الخدمة عبر نموذج مالي وإداري متوازن.

خاتمة

إنّ ما شهده قطاع الكهرباء في سوريا من تحسين ملحوظ في سعات التغذية يعدّ نقطة انطلاق واعدة. لكن تحقيق الهدف الأكبر — تغذية على مدار ٢٤ ساعة — يستلزم عملاً منظماً ومؤسسياً يمتدّ عبر سنوات، ويُراعي التوازن بين الكلفة والخدمة، والعدالة بين المشتركين، ودعم الفئات الضعيفة. إذا تمَّ تفعيل هذا النموذج بكفاءة، فإن سوريا ستشهد ليس فقط إضاءةً مستقرةً، بل خطوة نوعية نحو الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي الذي طال انتظاره.

🇸🇾 «الله يعزّ سوريا»

المقال التاليالمقال السابق

Translate

الأكثر مشاهدة