مواجهة الفساد في سوريا: مصادرة السيارات الفاخرة وتشكيل لجنة الكسب غير المشروع
مواجهة الفساد في سوريا: تحليل تقرير رويترز عن مصادرة السيارات الفاخرة وتشكيل لجنة الكسب غير المشروع
نشرت وكالة رويترز في تقريرها مؤخرًا أن رئيس الجمهورية السورية أحمد الشرع (Ahmed al-Sharaa) حضر اجتماعاً مغلقاً في محافظة إدلب ضم أكثر من 100 من المسؤولين، حيث وجّه لهم انتقادات حادة لامتلاكهم سيارات فاخرة رغم أنهم في نظره "أبناء الثورة". وقد أمر مصادرة سيارات من علامات راقية مثل كاديلاك ورينج روفر وتاهو من موظفين مدنيين، ملوّحاً بإجراء تحقيقات فساد. 3
كما أكدت المصادر أن شقيق الرئيس، جمال الشرع (Jamal al-Sharaa) – الذي لا يشغل منصباً رسمياً بحسب وزارة الإعلام – قد مُنع من العمل التجاري وتم إغلاق مكتبه بالشمع الأحمر على خلفية استغلال النفوذ. 5
وفي موازاة ذلك، يُشير التقرير إلى أن رجال أعمالاً سوريين كشفوا عن دفع رشاوى قد تصل إلى **200 ألف دولار** لإطلاق سراح موظفين أو استعادة أعمالهم، ما يُظهر أن الفساد ما يزال مستشرياً رغم الخطوات الرسمية. 6
أبعاد هذا التحرك
1. رمزية التصعيد ضد الفساد
تصوير اجتماع إدلب وما تلاه من أوامر مصادرة يُعد رسالة رمزية قوية من الرئيس، بأن امتلاك سيارات فاخرة – في بلد أنهكته الحرب والعقوبات – يعد فضيحة علنيّة. هذا النمط من الرسائل غالبًا ما يُستخدم لإعادة بناء الشرعية أمام الرأي العام.
2. محاولة بناء مؤسساتية لمكافحة الكسب غير المشروع
التقرير يشير إلى تشكيل لجنة للكسب غير المشروع وصندوق ثروة سيادية لتأميم أصول مرتبطة بـالعهد السابق. 7 هذا يدل على أن الخطاب ليس فقط رمزيّاً بل يحمل بعدًا مؤسسياً.
3. خطر استبدالها بأشكال فساد جديدة
رغم هذه الإجراءات، تقرير رويترز والتحقيقات السابقة تحذر من أن استبدال نخبة بـنخبة جديدة عبر صفقات سرية أو توزيعات مفضوحة يمكن أن يُكرّس نوعاً جديداً من النظام الاقتصادي المحاباتي. 8
كيف يؤثر هذا على الاقتصاد السوري؟
– **تحرير موارد**: مصادرة أصول أصحاب النفوذ السابقين أو إجبارهم على تسويات يُحرّر موارد مالية للدولة أو للنظام الحاكم حديثًا، ما يمكن أن يُستخدم لإعادة الإعمار أو تمويل الدولة.
– **جذب الاستثمار**: تغيير طابع الاقتصاد ليبدو أقل فسادًا وأكثر شفافية يمكن أن يساعد في جذب رأس المال الخارجي أو رفع صورة البلاد اقتصاديًّا. 9
– **تثبيت النفوذ الجديد**: من منظور داخلي، هذه الإجراءات تُستخدم لتعزيز نفوذ القيادة الحالية وإضعاف منافسيها من مَن استفادوا من الماضي.
– **مخاطر اجتماعية واقتصادية**: رغم ما تحقّق، فإن التقرير أشارت إلى أن أغلب السوريين في المناطق التي كان يسيطر عليها النظام السابق ما زالوا يعيشون تحت خط الفقر، وأن الفساد الحقيقي ما زال يستفحل في ممارسات مثل دفع الرشاوى. 10
التحديات الرئيسية التي تواجهها هذه العملية
- غياب الشفافية الكاملة في الصفقات التي تُجرى خلف الكواليس؛ حيث تقرير رويترز وجّه نقدًا بأن “اللجنة السرية” أُسست خارج أطر الدولة العلنية. 11
- احتمالية نشوء “نخبة فساد جديدة” بدل تجذير الشفافية والمساءلة. 12
- الظروف الاقتصادية الصعبة، وضرورة تحقيق إصلاح جذري في البُنى الاقتصادية وليس مجرد تغييرات رمزية. 13
- تأثير العقوبات الدولية والاعتمادات الخارجية على قدرة الدولة الجديدة على إعادة الإعمار، ما قد يخنق الإصلاح الاقتصادي. 14
استنتاجات وتوصيات للمدوّنين والمهتمّين بالشأن السوري
من منظور مدوّنة أو قارئ اقتصادي مهتم بسوريا، فإن ما تقوم به القيادة الجديدة يحمل إمكانات حقيقية لإحداث تغيير في بنية الاقتصاد وعقيدة الدولة، لكن النجاح ليس مضمونًا. لذلك أوصي بـ:
- متابعة تنفيذ القرارات: ليس فقط الإعلان عنها، بل كيف تُنفّذ ومَن يُحاسب ومتى.
- تحليل الأثر على المستوى الشعبي: ما مدى استفادة المواطن العادي من هذه الإجراءات؟
- مراقبة آليات استعادة الأصول: هل تُباع أم تُدار؟ كيف تُحوّل عائداتها؟
- ربط هذه التحولات بمناخ الاستثمار الدولي والعقوبات والتكامل الإقليمي.
خاتمة
إن التقرير الذي نشرته وكالة رويترز يُعد نافذة مهمة لفهم التحوّل الاقتصادي والسياسي الذي تشهده سوريا اليوم. الإجراءات مثل مصادرة السيارات الفاخرة أو إغلاق مكتب شقيق الرئيس تُعبّر عن رغبة في الانفصال عن الماضي الفاسد، لكن الطريق إلى نظام أكثر شفافية وعدالة طويل ومعقّد. في نهاية المطاف، تعتمد النتائج على مدى قدرة القيادة على تحويل الرمزية إلى مؤسسات حقيقية، وقياس تأثيرها على الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن السوري.مراجع ومصادر
- Reuters – No spoils of war: Syria's new ruler lays down the law to loyalists
- Syria is secretly reshaping its economy. The president’s brother is in charge
- Exclusive: Syria’s new leaders zero in on Assad’s business barons
- Syria’s new rulers back shift to free‑market economy, business leader says
أسئلة وأجوبة (FAQ)
س1: لماذا تم التركيز على مصادرة السيارات الفاخرة ضمن إجراءات مكافحة الفساد في سوريا؟
ج1: لأن ظهور موظفين مدنيين أو مسؤولين بسيارات فاخرة – في بلد يعاني من حرب وعقوبات اقتصادية – يُعد رمزية قوية للاختلال بين وضعهم ووضع المواطنين العاديين، وقد وظّفتها القيادة كإشارة إلى رغبتها في تغيير هذه الصورة.
س2: ما هي اللجنة التي تم تشكيلها وما هدفها؟
ج2: حسب التقارير، تم تشكيل لجنة للكسب غير المشروع أو أصول الثروة السيادية في سوريا، تهدف إلى استعادة أصول مرتبطة بعهد النظام السابق والتصدي لممارسات الفساد الاقتصادي. المصدر
ج3: من أهمها – احتمال أن تصبح اللجنة أو الإجراءات وسيلة لتثبيت نفوذ جديد بدل محاسبة حقيقية، أو أن تنشأ “نخبة فساد جديدة” تحت غطاء حديث. كما أن غياب الشفافية الكاملة يُعد من التحديات الرئيسية.
ج4: تؤثر بعدة طرق: تحرير بعض الموارد الحكومية، رفع صورة البلاد أمام الاستثمار الخارجي، لكن أيضاً قد تثير استياء داخلياً إن لم تترجم إلى إصلاح فعلي ومكافأة للمواطن العادي.
ج5: أن ينظروا إلى التنفيذ وليس فقط الإعلان: كيف تُدار الأصول التي تُصادر؟ هل تُباع علناً؟ ما آليات المحاسبة؟ وهل المواطن العادي يرى فرقاً في الواقع؟
