تشهد محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية في جنوب سوريا، تطورات متسارعة تضعها في قلب صراع معقد يتجاوز حدودها المحلية. هذا المقال يغوص في أعماق الأحداث الأخيرة، مستعرضًا تاريخ الطائفة الدرزية، معتقداتها، وعلاقتها المتقلبة مع القوى الإقليمية والدولية.

خلفية تاريخية: الدروز والعالم العربي

يعود تاريخ الدروز إلى القرن الحادي عشر، وقد لعبوا أدوارًا محورية في تاريخ المنطقة. ومع ذلك، تشوب علاقتهم بالعالم العربي بعض المحطات التاريخية التي يعتبرها البعض "خيانة". خلال الثورة السورية الكبرى ضد الانتداب الفرنسي، برز دور سلطان باشا الأطرش، القائد الدرزي، كبطل وطني. لكن في مراحل أخرى، مثل الحرب الأهلية اللبنانية والصراع العربي الإسرائيلي، اتخذت القيادات الدرزية مواقف اعتُبرت براغماتية من قبلهم، ولكنها وُصفت بالانتهازية من قبل منتقديهم، حيث تحالفوا مع أطراف مختلفة لضمان أمن طائفتهم وبقائها.

المعتقدات الدينية وأثرها السياسي

عقيدة الموحدين الدروز هي عقيدة باطنية متفرعة من الإسماعيلية، وتتميز بالسرية والتقية. يؤمنون بتناسخ الأرواح وبمجموعة من المبادئ الأخلاقية الصارمة. هذه السرية، بالإضافة إلى مبدأ "حفظ الإخوان" (حماية أبناء الطائفة)، غالبًا ما تفسر سبب ميل الدروز إلى الانعزال السياسي وتكوين مجتمعات متماسكة ومغلقة، مما يؤثر على تحالفاتهم وقراراتهم السياسية التي تضع مصلحة الطائفة فوق أي اعتبار آخر.

الحرب الأخيرة في سوريا: السويداء على خط النار

مع وصول المعارضة السورية بقيادة أحمد الشرع إلى مشارف درعا، وانهيار قوات النظام السوري في الجنوب، وجد دروز السويداء أنفسهم في مواجهة مباشرة. رفضت الفصائل المحلية في السويداء السماح لقوات المعارضة بالدخول، مما أدى إلى توترات ومواجهات. تزعم بعض المصادر أن هذا الموقف جاء بتنسيق مع النظام السوري، بينما يرى آخرون أنه قرار مستقل يهدف إلى تجنيب المحافظة ويلات الحرب.

دور إسرائيل: الحليف الخفي؟

العلاقة بين دروز سوريا وإسرائيل معقدة. فبينما يخدم الدروز في الجيش الإسرائيلي ويعتبرون مواطنين، فإن دروز الجولان المحتل وسوريا يرفضون ذلك. خلال الأحداث الأخيرة، تحدثت تقارير عن تدخل إسرائيلي غير مباشر لدعم موقف الدروز في السويداء، ربما من خلال تقديم دعم لوجستي أو معلوماتي. يرى البعض أن إسرائيل تسعى لخلق منطقة عازلة درزية في جنوب سوريا تخدم مصالحها الأمنية، وهو ما يثير قلق جيرانهم العرب ويزيد من اتهامات "الخيانة".

فيديوهات لفهم أعمق

يمكنك إضافة روابط يوتيوب هنا عبر النشر بالبريد لتحليل أعمق للأحداث.

خاتمة: مستقبل غامض

يقف دروز السويداء اليوم على مفترق طرق حاسم. بين ولائهم الوطني لسوريا، وخصوصيتهم الطائفية، وضغوط القوى الإقليمية، يبدو مستقبلهم محفوفًا بالغموض. القرارات التي سيتخذونها في الأيام القادمة لن تحدد مصير محافظتهم فحسب، بل قد تعيد رسم خريطة التحالفات في جنوب سوريا بأكمله.