is-single

لاستثمارات السعودية في سوريا: مليارات الدولارات من "أكوا باور" و"STC" لدعم تعافي الاقتصاد السوري رغم عقوبات قيصر

استثمارات سعودية بمليارات الدولارات في سوريا: بين الطموح والعقبات

استثمارات سعودية بمليارات الدولارات في سوريا: بين الطموح والعقبات

استثمارات سعودية في سوريا تشمل مشاريع الطاقة والاتصالات لدعم إعادة الإعمار

في خطوةٍ تعكس تحوّلاً بارزاً في العلاقات الاقتصادية بين المملكة العربية السعودية وسوريا، أعلن مجلس الأعمال السعودي‑السوري أن عدداً من الشركات السعودية الكبرى، منها أكوا باور (ACWA Power) والاتصالات السعودية (STC)، تخطط لاستثمار مليارات الدولارات في قطاعات الطاقة والاتصالات والبنية التحتية داخل سوريا خلال السنوات الخمس المقبلة. وفي المقابل، يُعدّ العقـب الأكبر الذي يُواجه هذه الخطط وهو العقوبات الأميركية، وخصوصاً ما يعرف بـ قانون قيصر للحماية المدنية السورية (“Caesar Act”).

1. خلفية الاستثمار السعودي في سوريا

بعد أَكثر من عقدٍ من الصراع السوري وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية، باتت إعادة الإعمار مجدداً في بؤرة الاهتمام. من جهةٍ، تمتلك سوريا عبر تاريخها الصناعي والزراعي قاعدة بشرية وتعليمية معتبرة، ومن جهةٍ أخرى، ظهرت لدى المملكة العربية السعودية رغبةٌ متنامية في استغلال موقعها الاستراتيجي والروابط الإقليمية لتعزيز استثماراتها عبر ما يُعرف برؤية المملكة 2030 وكيف يُمكن أن تتوسّع إلى دول الجوار.

على سبيل المثال، أعلن وزير الاستثمار السعودي أن المملكة تسعى إلى توقيع اتفاقيات استثمارية مع سوريا تقدر بمليارات الدولارات. 4

2. تفاصيل الاتفاقات الاستثمارية المقترحة

بحسب تقارير صحفية ووكالات أنباء، نُشِر أنّ السعودية أعلنت استثمارات تُقدَّر بنحو **6.4 مليار دولار** في سوريا خلال مؤتمر استثماري عُقد في دمشق، مع تخصيص نحو 2.93 مليار دولار لمشاريع البنية التحتية والعقارات، وحوالي 1.07 مليار دولار لقطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. 5

بالإضافة لذلك، يشير تقرير لوكالة رويترز إلى أن الشركات السعودية الكبرى مثل أكوا باور وSTC هي من بين المتقدّمين لدخول السوق السوري. 6

2.1 القطاعات المستهدفة

  • الطاقة: إنتاج الكهرباء، إعادة تأهيل الشبكات، وحدات التوليد. 7
  • الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: استثمارات في قطاع الاتصالات، الشبكات، وتعزيز البنية الرقمية. 8
  • البنية التحتية والعقارات: مشاريع إعادة إعمار المدن، الأبنية، الطرق، الموانئ. 9

2.2 الجدول الزمني والطموح المالي

يُشير المسؤولون إلى أن الهدف هو «جذب مليارات الدولارات خلال السنوات الخمس المقبلة» لدعم تعافي الاقتصاد السوري. فعلى سبيل المثال، قال رئيس المجلس إن الحركة الفعلية لرؤوس الأموال قد تبدأ قريباً ما دامت الشروط مُواتية. 10

3. المعوقات والتحديات

رغم وضوح الإرادة السعودية والدعوات السورية لتشجيع الاستثمار، فإن الطريق أمام التنفيذ ليس سلساً، ويمرّ عبر عدد من العوائق الجوهرية:

3.1 عقوبات قانون قيصر الأميركية

يُعدّ قانون قيصر العقبة الأبرز أمام تدفّق رؤوس الأموال الأجنبية إلى سوريا. فقد نصّ على عقوبات تشمل الدولة السورية وأيّ من يتعامل معها، ما يجعل المستثمرين الأجانب -خاصة الغربيين- أكثر تردداً. 11

كما ورد في تقرير لرويترز: «قانون قيصر هو “خنق أخير للاقتصاد السوري”» كما أشار أحد المسؤولين السعوديين/السوريين. 12

3.2 انتقال رؤوس الأموال وسحبها

حتى إن تم توقيع اتفاقيات، فإن عملية نقل الأموال، وضمان إمكانية سحبها أو تحقيق عائد الاستثمار، تُعدّ من نقاط الخطر. ففي تلك الظروف تُلقى مسؤولية التنفيذ على المستثمرين الذين يواجهون قيوداً مصرفية، نقصاً في الشفافية، وضعفاً في البنية القانونية. 13

3.3 البنية التحتية المتضرّرة والبيئة الاستثمارية غير المستقرة

الدولة السورية خرجت من 14 عاماً من الحرب التي دمّرت المصانع، شبكات الكهرباء، الطرق والمواصلات. وفقاً لمؤسسة البنك الدولي، فإن إعادة الإعمار ستتطلب مئات المليارات من الدولارات. 15

علاوةً على ذلك، فإن الاستقرار السياسي والمؤسسي ما زال هشّاً، ما يجعل المستثمر الأجنبي كبير المخاطر. 16

4. الأبعاد الاقتصادية والسياسية لهذه الاستثمارات

تزاحم في هذا الملف أبعادٌ اقتصادية بحتة وأخرى سياسية واستراتيجية، نوجزها فيما يلي:

4.1 من الناحية الاقتصادية

- تُشكّل الاستثمارات السعودية في سوريا فرصة لتعزيز النمو في بلدٍ منهك اقتصادياً، وخلق فرص عمل، وتحفيز عوائد ضريبية.
- بالنسبة للسعودية، فهي تستثمر ليس فقط من باب الربح المباشر، بل كجزء من استراتيجية «التنويع» ضمن رؤيتها 2030، وتوسيع شبكة العلاقات الاقتصادية الإقليمية.

4.2 من الناحية السياسية والاستراتيجية

- تُعدّ هذه الاتفاقيات مؤشّراً على عودة دمشق إلى الحاضنة العربية، وعلى رغبة المملكة بتعزيز تأثيرها الإقليمي عبر بوابة إعادة الإعمار.
- كذلك، تخضع هذه الخطوة لمتغيّرات التوازن الدولي: كيف تتعامل واشنطن مع سوريا بعد عقود من العقوبات؟ وما هو موقف الأطراف الإقليمية؟

4.3 أثر على العلاقات السورية – السعودية

إن هذا التعاون يُعيد تشكيل العلاقات الثنائية التي شهدت توتّرات أو انقطاعاً ضمن سياق الأزمة السورية والعقوبات الغربية. ومع الإعلان عن إعادة فتح بعض القنوات الاقتصادية، فإن العلاقات تشهد دفعة قوية نحو الشراكة. 17

5. ماذا يعني هذا للمستثمرين السوريين والسعوديين؟

بالنسبة للمستثمر السعودي:
- أمامه فرص ضخمة، لكن رهانها يعتمد على تطوّر البيئة القانونية وتراجع المخاطر العقابية.
- ينبغي عليه التأكد من حماية حقوقه الاستثمارية، وجود الضمانات القانونية، وإمكانية تحويل الأرباح إلى الخارج.

وبالنسبة للمستثمر السوري أو من مَنْ في الخارج يرغب في العودة:
- النظام الاقتصادي الجديد يُفتح تدريجياً، ويُترجَم الإعلان عن «اقتصاد مفتوح للاستثمار الأجنبي» من قبل الحكومة السورية. 18
- لكنّه يُرزَح تحت آثار الحرب وغياب البنية التحتية الكاملة، لذا فإن الدخول يحتاج حذراً وتخطيطاً دقيقاً.

6. сценарيوهات المستقبل – ما هي السيناريوهات المحتملة؟

يمكن تصور عدّة سيناريوهات للمسار المُحتمل لهذه الاستثمارات خلال السنوات المقبلة:

  1. سيناريو متفائل: رفع جزئي أو كلي لعقوبات «قيصر»، دخول رؤوس الأموال السعودية والمشروعات تبدأ فعلياً – إنجازات ملموسة في قطاع الطاقة والاتصالات – ما يؤدي إلى دفعة قوية للاقتصاد السوري.
  2. سيناريو معتدل: توقيع واتفاقيات لكن التنفيذ بطيء، الاستثمارات تُقدّم «إعلانياً» أكثر من تنفيذها، المراحل الأولى تقتصر على البنية التحتية الأساسية والمشاريع الصغيرة/المتوسطة.
  3. سيناريو سلبي: استمرار العقبات – عقوبات، نقص التمويل، عدم الاستقرار – يعوق التدفق الحقيقي للأموال، فيبقى الاستثمار محصوراً أو شكلياً دون تأثير كبير.

7. توصيات لمتابعة هذا الملف من منظور اقتصادي

– متابعة تطوّر القانون الأميركي «قيصر» وسياسته التنفيذية، حيث إنّ التغيّرات هناك ستؤثّر مباشرة على البيئة الاستثمارية السورية. 19
– مراقبة المراسيم والقوانين السورية ذات الصلة بالاستثمار الأجنبي وتسهيل تحويل الأموال وحقوق المستثمرين.
– تقييم جدوى المشاريع المقترحة من حيث الربحية، المخاطر، والإطار الزمني، لا الاكتفاء بالإعلام أو التوقيع.
– تنويع القطاعات المستهدفة داخل سوريا: ليس فقط البنى التحتية التقليدية بل أيضاً الطاقة المتجدّدة، التكنولوجيا، الاتصالات، وربما الزراعة والخدمات.

الخلاصة

تمثل الاستثمارات السعودية في سوريا فرصة تاريخية لطرفين: أولاً لسوريا التي تحتاج بشدّة إلى ضخّ رؤوس الأموال، وبناء اقتصاد جديد بعد سنوات الحرب والعزلة، وثانياً للمملكة التي تسعى إلى توسيع أفق استثماراتها وتحقيق رؤيتها للعام 2030. ومع ذلك، فإن العقود وحدها لا تكفي، والتنفيذ الفعلي مرهون بتغيّرات كبيرة في البيئة القانونية والمصرفية، واستقرار الأطراف، وتخفيف المخاطر المرتبطة بالعقوبات. إن تحقّق ذلك، فقد نشهد تحولاً واقعيّاً في وجه الاقتصاد السوري والمنطقة ككلّ.

المصادر:

  • “Saudi business delegation arrives in Syria; deals worth $4 billion to $6 billion seen being signed” – Reuters. 20
  • “Saudi billions poised for Syria but US sanctions remain a barrier” – Reuters. 21
  • “Why removing the US Caesar Act is essential for Syria’s post-Assad era recovery” – Arab News. 22
  • “Rebuilding Syria’s economy: Can stability return after war?” – Al Jazeera. 23
المقال التاليالمقال السابق

Translate

الأكثر مشاهدة