is-single

قرار وزارة الطاقة السورية: تعرفـة مبيع الكيلوواط الساعي للكهرباء لجميع الشرائح

قرار جديد لوزارة الطاقة السورية: تعرفـة مبيع الكيلوواط الساعي للكهرباء لجميع الشرائح

قرار جديد لوزارة الطاقة السورية: تعرفـة مبيع الكيلوواط الساعي للكهرباء لجميع الشرائح

لوحة مفاتيح كهرباء – وزارة الطاقة السورية تحدد تعرفات الكهرباء الجديدة

أعلنت وزارة الطاقة السورية قراراً مهماً يتعلق بتحديد تعرفة مبيع الكيلوواط الساعي للكهرباء لمختلف المشتركين والقطاعات في سوريا، وذلك ضمن مسار إصلاح قطاع الكهرباء وتحقيق استفادة أفضل من الدعم الحكومي وتوزيعه بشكل عادل. 1

لمحة عامة عن القرار وأسبابه

في خطوة وصفها الكثيرون بأنها «تاريخية» في قطاع الكهرباء السوري، قامت الوزارة بإعادة هيكلة التعرفة الكهربائية المنزلية والصناعية إلى أربع شرائح واضحة المعالم حسب مستوى الاستهلاك والدخل، مع تسعير لكل شريحة. تأتي هذه الخطوة في سياق التحديات الكبيرة التي تواجهها المنظومة الكهربائية السورية، من نقص التوليد والبنية التحتية المتآكلة إلى خسائر مالية ضخمة تُقدَّر بمليارات الدولارات سنوياً. 2

بحسب التقرير، فإن تطبيق التعرفة الجديدة سيتم اعتباراً من بداية دورة الاستهلاك التالية لإصداره، حيث أتى القرار رداً على ضرورة تحقيق «عدالة السعر» بين الفئات المختلفة وضمان استدامة القطاع. 3

تفاصيل الشرائح الأربع للتعرفة الكهربائية

الشريحة الأولى: أصحاب الدخل المحدود

  • تُشمل المستهلكين حتى 300 كيلوواط خلال دورة شهرين.
  • سعر 1 كيلوواط/ساعة: **600 ليرة سورية**.
  • هذه الشريحة مدعومة من الحكومة، بما يُقدَّر بنحو 60 % من سعر التكلفة. 4
  • يُعدّ ذلك تسعيراً يشجّع الاستخدام الاقتصادي ويخفّف العبء عن الفئات الأكثر حاجة.

الشريحة الثانية: أصحاب الدخل المتوسط والمرتفع والمشاريع الصغيرة

  • تُطَبَّق على من يستهلك أكثر من 300 كيلوواط خلال دورة شهرين.
  • سعر 1 كيلوواط/ساعة: **1,400 ليرة سورية**.
  • الهدف من هذه الشريحة تغطية تكلفة الاستهلاك لمن ليسوا ضمن الفئات المدعومة بالكامل، وتعكس مستوى أعلى من الاستهلاك أو الدخل.

الشريحة الثالثة: المعفون من التقنين (المؤسسات الحكومية – الشركات – المصانع التي تحتاج كهرباء على مدار الساعة)

  • هذه الشريحة تُخصّص للجهات التي تحتاج تغذية ثابتة وطويلة الأجل بدون انقطاع.
  • سعر 1 كيلوواط/ساعة: **1,700 ليرة سورية**.

الشريحة الرابعة: المعامل والمصانع ذات الاستهلاك الكهربائي العالي (معامل الصهر وغيرها)

  • تُستهدف المنشآت الصناعية الثقيلة التي تستنزف كهرباء عالية وتحتاج تكلفة تشغيلية كبيرة.
  • سعر 1 كيلوواط/ساعة: **1,800 ليرة سورية**.

متى يبدأ التطبيق؟

أوضحت المصادر أن التعرفة الجديدة ستُطبّق بدءاً من دورة الاستهلاك الأولى التي تلي تاريخ الإعلان، وقد أنشأت الوزارة آليات لضبط النظام، ومتابعة العدّادات، وتعديل البنية التحتية لدعم ذلك. 5

ما الذي تغيّر؟ وما الذي بقي؟

منذ سنوات طويلة، كانت أسعار الكهرباء في سوريا منخفضة نسبياً مقارنة بتكلفة الإنتاج الفعلية، مما أدى إلى تراكم خسائر هائلة في المنظومة، وتراجع في ساعات التغذية، وتوسّع في ظاهرة التقنين. 6

الآن، ومع إعادة هيكلة التعرفة، فإن التغييرات تشمل:

  • تخفيض الدعم المباشر للفئات غير الأشد حاجة، وتحريك السعر نحو التكلفة الحقيقية أو شبهها.
  • تعزيز العدالة بين المستهلكين: فالحصول على سعر مدعوم مرتبط بالاستهلاك وتحديد الشريحة أولاً.
  • ترشيد الاستهلاك ودفع المستهلكين لتعديل أنماطهم—خصوصاً من يستهلكون بكثافة—لتجنّب الانتقال من شريحة إلى أخرى أعلى تكلفة.

في المقابل، بقيت بعض العناصر ثابتة أو خاضعة للتحسين التدريجي:

  • الدعم الحكومي للشريحة الأولى مستمر، حتى لو بشكل مختلف.
  • البرنامج طويل الأجل لتأهيل البنية التحتية والكهرباء 24 ساعة لم يُلغَ، بل هو مرتبطة بهذه الخطوة كجزء من الإصلاح. 7

الأهداف الاقتصادية والاجتماعية لهذا القرار

يُشكّل القرار محوراً لعدة أهداف:

  1. استدامة المنظومة الكهربائية: من خلال تخفيض الفاقد المالي وتشغيل العدّادات بدقة أكبر، مما يساعد على إعادة الاستثمار في الصيانة والتجديد. 8
  2. تطوير الخدمات وتحسين التغذية: الربط بين ارتفاع السعر واتاحة التيار الكهربائي لساعات أكثر يُعدّ حافزاً لرفع مستوى الخدمة. 9
  3. ترشيد الاستهلاك وضبط الدعم: حين يغادر المستهلك المدعوم نطاقه أو يُستهلك بكثافة؛ ينتقل تلقائياً إلى شريحة أعلى، ما يسهّل توزيع الدعم طبقاً للقدرة الشرائية.
  4. حشد موارد إضافية: بزيادة الإيرادات من التعرفة، يمكن توجيهها لإصلاح الشبكة وتوسعة التوليد أو استيراد الوقود/الغاز اللازم. 10

تأثير القرار على الفئات المختلفة من المستهلكين

أصحاب الدخل المحدود

يُعدّون القاطرة الاجتماعية لهذا الإصلاح، إذ إن السعر المدعوم (600 ليرة لكل كيلوواط) يمثّل فرصة لهم للاستمرار في الخدمة بأسعار مقبولة، مما يُجنّبهم الانتقال إلى شريحة التكلفة العالية. وفي نفس الوقت، يشكّل حافزاً لعدم التبذير في الكهرباء أو الزيادة في الاستهلاك بلا مبرّر.

أصحاب الدخل المتوسط والمشاريع الصغيرة

هذه الفئة تنطوي على تحدٍ مزدوج: فهي ليست من الفئات التي تستحق الدعم الكامل، لكنها أيضاً ليست صناعات ضخمة. السعر 1,400 ليرة/كيلوواط يُلقي عليها عبئاً أكبر مقارنة بالسابق، مما يدعو إلى:

  • ترشيد الاستخدام (استخدام الأجهزة عالية الكفاءة، فصل الأجهزة غير اللازمة، تحسين العزل الحراري للمسكن).
  • مراجعة استهلاك المشاريع الصغيرة، ربما تبنّي ساعات ذروة واستهلاك خارج ذروة الحمل لتقليل الكلفة.

المؤسسات الحكومية والشركات التي تحتاج كهرباء مستمرة

بالرغم من أن السعر 1,700 ليرة/كيلوواط أعلى، إلا أن هذه الجهات غالباً لديها ميزانيات أو إمكانية التكيف مع الكلفة، لكن القرار يُعطيها أيضاً دافعاً لتحسين كفاءة الطاقة، اعتماد أجهزة أقل استهلاكاً، أو الانتقال إلى حلول بديلة كالطاقة الشمسية أو التخزين.

المعامل والصناعات الثقيلة

السعر الأعلى (1,800 ليرة/كيلوواط) يعكس التكلفة الحقيقية للأحمال العالية. هذا يُمكّن الحكومة من:

  • توجيه الدعم لمناطق أكثر حاجة.
  • دفع المُصنّعين إلى إعادة عرض خطط الطاقة (مثلاً توليد داخلي أو طاقة متجددة أو ساعات إنتاج أقل كثافة كهربائية).

التحديات والمخاطر المصاحبة للقرار

رغم الإيجابيات، لا يخلو الأمر من تحديات يجب الانتباه لها:

  • التأثير على القدرة الشرائية للمواطنين: خصوصاً إذا انتقل مستهلكون من شريحة مدعومة إلى شريحة أعلى بسبب زيادة الاستهلاك أو ضعف التوعية.
  • توقيت التطبيق: إن لم تُرافق الزيادة في السعر تحسناً ملحوظاً في الخدمة (ساعات تشغيل، جودة التيار، تقليل التقنين)، فإن ردود الفعل قد تكون سلبية.
  • ترشيد الاستهلاك الفعلي: من دون حمل توعوي أو مساعدات لترشيد الكهرباء أو تحسين كفاءة الأجهزة، قد ينمو الاستهلاك على غير قصد.\li>
  • البنية التحتية المتدهورة: لا يمكن للاسعار وحدها أن تعالج ساعات التقنين أو الأعطال، إنما يجب أن تواكبها إصلاحات فعلية. 11

ما الذي يجب على المستهلك العادي فعله؟

للمواطنين والمستهلكين المنزليين، إليكم بعض النصائح العملية لاستفادة أفضل من هذا الوضع الجديد:

  • راجع فاتورتك الكهربائية وتعرّف على كم استهلكت في الدورة السابقة، وهل أنت قريب من حد 300 كيلوواط.
  • إذا كنت ضمن الشريحة الأولى، حاول إبقاء استهلاكك أقل من 300 كيلوواط خلال الدورة لتجنّب الانتقال إلى الشريحة الثانية.
  • استبدل الأجهزة القديمة التي تستهلك كثيراً بالكفاءة الأعلى إن أمكن—مثلاً مصابيح LED، ثلاجة حديثة، تحسين العزل الحراري.
  • قلّل من استخدام التدفئة والتكييف وقت الذروة، أو استخدم مؤقتات ذكية أو جدولة تشغيل لتفادي أوقات الذروة الكهربائية.
  • تابع إعلان الوزارة أو شركة التوزيع عن أية برامج دعم أو عدّادات ذكية قادمة، إذ قد تعلن الوزارة مساعدات أو آليات تسهّل الانتقال للشريحة المناسبة.

كيف يُعد هذا القرار خطوة في إصلاح قطاع الطاقة؟

إن إعادة هيكلة تسعيرة الكهرباء إلى شرائح مدروسة تعكس تحولاً في سياسة الدعم والطاقة في سوريا: من نظام كان فيه السعر شبه ثابت بغض النظر عن الكمية إلى نظام أكثر عدالة وارتباطاً بالاستهلاك الفعلي. هذا يعزز من:

  • الكفاءة الاقتصادية: كل كيلوواط يُستهلك يُحصّل له السعر، مما يقلّل الهدر ويزيد الإيرادات.
  • الإصلاح المالي: إذ تُمكّن الإيرادات الإضافية من استثمارها في الصيانة والتوليد، بدلاً من أن تُحوّل إلى خسائر.
  • جذب الاستثمار: عندما تتحسن الخدمة وتُصبّ الأموال في البنية التحتية، فإن قطاع الكهرباء يصبح أكثر استقراراً وجاذبية للمستثمرين. 12

خلاصة

قرار وزارة الطاقة السورية بتحديد تعرفة مبيع الكيلوواط الساعي وفق أربع شرائح يمثل نقطة تحول مهمة في قطاع الكهرباء السوري. إنه يعيد تشكيل العلاقة بين السعر والاستهلاك والدعم، ويتيح توزيعاً أكثر عدالة وحوافز لترشيد الطاقة. ومع ذلك، فإن نجاح هذا الإصلاح لن يقاس بالسعر وحده، بل بمدى تحسين الخدمة، وزيادة ساعات الكهرباء، وخفض الفاقد، وزيادة مشاركة المجتمع والمستهلك في ترشيد الاستخدام.

في الختام، على كل مستهلك أن يكون على وعي بشريحته الجديدة، واستعداد للتكيف مع التغييرات، والاستفادة من النصائح السابقة لتجنّب الوقوع في شرائح أعلى تكلفة بدون داعٍ. أما الدولة فمطلوب منها أن تتابع الإصلاحات وتضمن أن الانتقال من التعرفة إلى خدمة أفضل يحدث بالفعل.

المصادر:

المقال التاليالمقال السابق

Translate

الأكثر مشاهدة