سوري هتف وأشعل جدلاً وخلافاً بين السوريين والمصريين
![]() |
العلم السوري والمصري معا |
سوري هتف وأشعل جدلاً وخلافاً
في الأيام الأخيرة تصدرت منصات التواصل الاجتماعي حملة واسعة بين السوريين والمصريين، بعد أن انتشر مقطع فيديو لشاب سوري يوجه إساءات مباشرة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. هذه الحادثة لم تبقَ مجرد فيديو عابر، بل تحولت إلى عاصفة من ردود الفعل والجدل، لتكشف عن هشاشة العلاقات على السوشال ميديا، رغم عمق الروابط التاريخية بين الشعبين.
بداية القصة: من هو الشاب السوري الذي أشعل الأزمة؟
المقطع الذي تسبب في الأزمة ظهر فيه شاب سوري محسوب على فلول النظام السوري، واعتبره كثيرون أنه بوق إعلامي للنظام، لا يمثل عامة السوريين. الشاب قام بسب وشتم الرئيس المصري، وهو ما أثار موجة غضب واسعة لدى المصريين الذين اعتبروا الأمر إساءة لرمز الدولة المصرية بأكملها.
سريعاً انتشر المقطع على نطاق واسع عبر منصات فيسبوك وتيك توك وتويتر (إكس)، ليتحول إلى قضية رأي عام أثارت استياء وشتائم متبادلة بين الطرفين.
لماذا تضخمت الحملة إلى هذا الحد؟
الحملة لم تكن لتأخذ هذا الحجم الكبير لولا عدة عوامل متشابكة:
- التوقيت السياسي: المنطقة تمر بظروف حساسة، ما يجعل أي كلمة مسيئة قابلة للتضخيم.
- الإعلام الإلكتروني: حسابات وصفحات مؤثرة ضخت الفيديو مراراً بحثاً عن التفاعل.
- الذاكرة الشعبية: خلافات قديمة مرتبطة بملف الهجرة واللاجئين السوريين في مصر أعيد فتحها.
- التأثير النفسي: المصريون اعتبروا الإساءة موجهة لهم مباشرة، والسوريون شعروا أنهم يُستهدفون بالتعميم.
ردود الفعل المصرية: غضب وصدمة
موجة من الغضب اجتاحت الصفحات المصرية، حيث رأى كثيرون أن "الضيف لا يجوز له الإساءة لصاحب البيت"، في إشارة إلى ملايين السوريين الذين لجؤوا إلى مصر بعد اندلاع الحرب السورية. بعض الأصوات المتشددة طالبت بترحيل السوريين من مصر، رغم أن الحادثة لم تصدر من شخص مقيم هناك.
لكن أصواتاً مصرية أخرى دعت إلى التعقل، مؤكدة أن "ما حدث خطأ فردي" وأن السوريين إخوة ولا يجب تحميلهم وزر شخص واحد.
الموقف السوري: رفض وتوضيح
على الجانب السوري، تبرأ معظم النشطاء من تصرف الشاب، مؤكدين احترامهم للشعب المصري ورئيسه. بعضهم أوضح أن الشاب مرتبط بالنظام السوري، وأن الهدف من تصرفه ربما هو إشعال الفتنة وتشويه صورة السوريين.
لكن هناك أيضاً من السوريين من شعر بالاستهداف الجماعي، فدخل في ردود فعل دفاعية بل وهجومية أحياناً ضد المصريين الذين هاجموا السوريين بشكل عام.
تاريخ العلاقات بين سوريا ومصر
للتذكير، فإن العلاقات بين سوريا ومصر ليست وليدة اللحظة:
- الوحدة التاريخية بين البلدين عام 1958 (الجمهورية العربية المتحدة).
- التعاون العسكري المشترك في حرب أكتوبر 1973.
- احتضان مصر لمئات آلاف السوريين بعد 2011، وفتح أبواب التعليم والعمل لهم.
هذا التاريخ يعكس أن الخلافات العابرة لا يمكن أن تمحو جذور الأخوة بين الشعبين.
دور السوشال ميديا في تضخيم الأزمة
لا شك أن السوشال ميديا لعبت الدور الأكبر في تضخيم القضية. ففي غضون ساعات، تحول فيديو قصير إلى "تريند" ثم إلى موضوع نقاش إعلامي، ليجر وراءه موجة من الشتائم والتعميمات.
لكن في المقابل، ساعدت السوشال ميديا أيضاً على إيصال أصوات عاقلة دعت إلى التهدئة ومنع استغلال الحادثة لبث الكراهية.
من المستفيد من الفتنة؟
هناك عدة أطراف قد تكون مستفيدة:
- النظام السوري: الذي يسعى لإظهار المعارضين وكأنهم سبب المشاكل في كل مكان.
- جهات إعلامية إقليمية: تجد مصلحة في ضرب العلاقات بين دولتين عربيتين كبيرتين.
- صفحات التواصل الباحثة عن المشاهدات: إذ استثمرت الفيديو لزيادة التفاعل.
آراء من الطرفين
مصريون قالوا:
- "الرئيس خط أحمر، ومن يتطاول عليه يتحمل العواقب."
- "لا نقبل التعميم، السوريون إخوتنا ولا ذنب لهم."
- "الغضب مفهوم، لكن يجب أن نكون أذكى من فخ الفتنة."
سوريون قالوا:
- "ذلك الشخص لا يمثلنا ولا يعبر عن موقفنا."
- "نحب مصر ونحترمها، ونرفض أي إساءة لشعبها أو رئيسها."
- "الفتنة لن تخدم سوى أعداء الشعوب."
كيف يمكن احتواء الأزمة؟
لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث، يمكن اتباع خطوات عملية:
- التأكيد أن الإساءة فردية لا تمثل شعباً كاملاً.
- منع التعميم في الخطاب الشعبي والإعلامي.
- تعزيز التوعية بخطورة استغلال السوشال ميديا لنشر الكراهية.
- تشجيع الحوار المباشر بين السوريين والمصريين لإزالة سوء الفهم.
الخاتمة: ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا
رغم حدة الحملة على مواقع التواصل، يبقى الواقع أن المصريين والسوريين تجمعهم روابط تاريخية عميقة لا يمكن أن تزول بسبب مقطع فيديو. ما حدث يجب أن يكون فرصة لمراجعة أسلوب تعاملنا مع الإعلام الجديد، والتأكيد على أن العلاقات بين الشعوب أكبر من فتنة مؤقتة.
فما يجمعنا من تاريخ ومصير مشترك، أكبر بكثير مما يفرقنا.